1 تشرق شمس مجلة كليتنا من جديد، تملأ نهار الدنيا علما، وتمنح البحث دفئا في ثوب قشيب سهر عليه القائمون عليها- بارك الله فيهم – تخطو على مدارج المجد والتصنيف بخطى حثيثة، ناشرة رايتها خفاقة بين رايات كليات جامعة الأزهر. وجاءت دانية القطاف، ذلولة الموالج، بهية القسمات، لاحبة المعالم، شعيبية التوفيق. تراحبت جنباتها فجاء عِدَّ زلال لاينقطع، وسفط جوهر لا تفنى نفائسه ما بين رؤية مبتكرة، وجديد مدهش، وتراث مذخور لم تفن بعد غرائبه، ومنهجيات تجمع بين الوصف والتحليل والمقارنة، وارتقت إلى المناهج الحداثية محاولة توظيفها وإيجاد تفسير راهن للدرس العربي اللغوي بشتى مناحيه، واختلاف قسماته. فبدت التداولية والتلقي بصورة لافتة، وبرز التوجه الجديد في البحث، وهو الدرس البيني المزدوج؛ بأن يعمل على الفكرة الواحدة أستاذان وعضوان من هيئة التدريس، وينشر باسمهما، وكذلك البينية في المزج بين الدرس اللغوي والدرس النحوي أو الصرفي، والدرس اللغوي والدرس البلاغي والدرس الأدبي والصوتي في صورة متناغمة تكشف أبعادا خافتة خلفتها الدراسات السابقة ذات الجزر المنعزلة في قارة البحث العلمي الفسيحة، وهو توجه سبقتنا إليه مجلات عربية عدة، لعل أبرزها مجلة التراث العربي السورية، ولم ترد أن تتخلف مجلتنا الرائدة عن الركب بل تزاحمه، وتكاد تسبقه . 2 وتتواكب المجلة مع طبيعتها الإنسانية فتفسح المجال للدرس الوثائقي على الوجهة التاريخية بمعناها الحقيقي الذي وضعت له، وتارة بمعناها المعلوماتي الذي هو شريك لنا في بناء هذا الصرح العظيم. ويأتي الدرس المعرفي وأوثر هذا التعبير عن المعلوماتية، لأنه صار عنوانا لهذه الأقسام العلمية في جامعات مصرنا الحبيبة، وعالمنا العربي بدلا من قسم المكتبات والمعلومات بالكلية وغيرها من كليات الجامعة . 3 وكنت قد أهبت بالسادة الأساتذة أعضاء هيئة التدريس أن يكتبوا في مجلة الكلية، ولكن يبدو أن أمورا حالت دون إتمام عملهم -نسأل الله لهم السداد- لأن السمة البارزة في هذا العدد غياب جهود أبناء الكلية بنسبة كبيرة. وبرزت معالم جديدة في هذا العدد أود أن أبرزها:
جدة الموضوعات. حضور التراث. ظهور الدراسات البينية والثنائية التأليف. تعدد الإسهام من مصر وخارجها، ومن الخارج بنسبة كبيرة، مما يعكس مدى الثقة في المجلة وكليتها. ارتفاع نسبة الدرس التطبيقي، والبعد عن الدرس النظري، مما يعكس طبيعة الدارسين. بروز المناهج الحداثية، وتجاورها مع المناهج التراثية، دون نبو أو نشاز. المزج بين العلوم، ومحاولات استنطاق النصوص، واستنباط الأسس مما يشكل عودة حميدة لمنهج تركناه وراءنا ظهريا. تنوع النص المدروس ما بين القرآن الكريم والسنة المطهرة، ونثر وشعر، ومدونات، وأشكال أدبية مختلفة، عمق الدارس فيها منهجه ونهجه الذي ارتضاه بل ورؤيته . التنوع الفريد للمحكمين، وثراء آرائهم .
وفي النهاية إذا شمر الباحثون الجادون عن سواعدهم؛ ففي هذه المجلة زاد يصنع بحوثا ودراسات مهمة تسد ثغرة في حائط الدرس اللغوي والمعرفي والأدبي والبلاغي. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والرشاد